عدد مشاهدي الصفحة

الأحد، 6 أكتوبر 2013

 عن المفاضلة بين الشعوب والبلدان

عندما نتحدث عن أنّ مصر هي أمُّ الدنيا وكنانة الله في أرضه وبلد الأمن والأمان , وأن جيشها هو خير الجيوش -كما ورد في بعض الآثار- وأن شعبها هو خير الشعوب كما جاء في رسالة منسوبة للحجاج أرسلها إلى والي مصر طارق بن عمرو يصف فيها شعب مصر فيقول فيها "وما أتي عليهم قادم بخير إلا إلتقموه كما تلتقم الأم رضيعها وما أتى عليهم قادم بشر إلا أكلوه كما تأكل النار أجف الحطب وهم أهل قوة وصبر و جلدة و حمل"  نجد أن كثيراً منا لا يسأل نفسه عن مدى صحة هذه الادعاءات.


هل نسينا كيف أن الله قد وضع قوانينه وأجرى كونه طبقاً لنظام ثابتٍ لا يتغير "فلن تجد لسنة الله تبديلا..." وبالتالي فهناك عوامل معيّنة للخيرية أو الأفضلية سواءً على مستوى الأرض أو الجيش أو الشعب , من تمسّك بها وطبّقها حاز السَّبقَ , ومن حاد عنها كان في أسفل سافلين. ما أقصده هنا هو أنّ الحكم يدور مع علّته , فليس هناك حكم مطلق في معزلٍ عن سببه وعن الظروف المحيطة به. 

 

كان للمسلمين السبق بين الأمم في فترةٍ من الفترات عندما عندما كانوا يفهمون دينهم جيداً وبالتالي طبقوا العوامل الحضارية التي جاء بها هذا الدين المرن المتناسب مع كل زمان ومكان...كان المسلمون حينذاك بالمقارنة مع غيرهم أكثر احتراماً لإنسانية الإنسان وأكثر تسامحاً مع الآخر وأكثر تقديراً للعلم والاجتهاد والتطوير في شتّى المجالات , وبهذا تفوقوا ونالوا ما نالوا "حينذاك" بمعنى أن الله لم يكافئهم بالتغلب على غيرهم لمجرد أنهم مسلمين حتى ولو فرّطوا في عوامل النهوض والحضارة... لا وألف لا , وإلا لكانوا في ذلك كمَثل اليهود والنصارى حين قالوا "نحن أبناء الله وأحباؤه"  أو كما قالوا: "لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى". وكان الرد الإلهى عليهم حاضراً: "بل أنتم بشر ممن خلق.." أي أنّ الله سبحانه بعدله لا يعطي أحداً أفضلية على غيره لمجرّد أنه من جنس معين أو من بلد معين أو الأفضلية الدنيوية بسبب دينه , وإنما تحصل الأفضلية بالاجتهاد وتحقيق الشروط لنيل المطلوب , فأفضلية الشعب تحصل بتربية أفراده وانتشار الأخلاق الحميدة بينهم ووعيهم بمسئولياتهم تجاه أنفسهم وغيرهم , وكذلك أفضلية الجيش بتأهيل جنوده ماديا ومعنويا ووعي قواده وقوة عدته وإلا فهو فريسة لكل من هب ودبّ. أما الأرض فلا أرى أفضليةً لواحدة على أخرى إلا بمن عليها , أي أن أفضليتها بأفضلية البشر الذين يسكنونها. والله أعلم

 

ملحوظة: أريد والله من كل قلبي أن تكون مصر فعلا خير الأوطان  بشعبها وجيشها , ولكن لا أرى ذلك في المستقبل القريب :(